في مهمة شبه مستحيلة لإنقاذ بوعلام صنصال.. العصبة حقوقية تراسل عاجلا المسؤولين بالأمم المتحدة
مناشدة عاجلة إلى المقرر الخاص المعني بالاحتجاز التعسفي (الرسالة كاملة في آخر المقال)

وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، مناشدة عاجلة إلى المقرر الخاص المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، تحث فيها على التدخل الفوري لإنقاذ الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال من وضعية الاعتقال التعسفي والحكم الجائر الذي أصدره بحقه.
وجاء في الرسالة التي رفعتها العصبة، أن بوعلام صنصال تعرض للاختطاف والاعتقال في ظروف غامضة ومخيفة في 21 نونبر 2024 بمطار الجزائر الدولي، حيث تم اعتقاله من قبل أجهزة المخابرات الجزائرية دون أي سند قانوني، وبعد فترة من الإخفاء القسري وعدم معرفة مكان احتجازه لعائلته وأصدقائه، مما أثار قلقاً دولياً وحقوقياً واسعاً.
وأكدت العصبة أن هذه الإجراءات تتعارض مع الدستور الجزائري والالتزامات الدولية التي وقعت عليها الجزائر، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حقوق المحاكمة العادلة وقرينة البراءة وحرية الدفاع. وبناءً على ما رصدته من معطيات وشهادات وتقارير حقوقية ومحلية ودولية، فإن اعتقال صنصال تعسفي ويهدف إلى تكميم أفواه الأصوات المنتقدة والحرية الفكرية، إذ حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بتهم غامضة وغير مدعومة بأدلة قانونية مقنعة، في محاكمة تفتقر إلى نزاهة واستقلال القضاء.
وأضافت الجمعية في مراسلتها، أن القضاء الجزائري، عمد إلى تطبيق المادة 87 المتعلقة بمكافحة الإرهاب لتبرير الحكم الظالم الصادر في حق صنصال، مبرزة أن هذه المادة تحولت لأداة لقمع الأصوات الحرة والمعارضة، وذلك بسبب آراء صنصال التي وصفها النظام بـ “التحريض على زعزعة وحدة البلاد”، في حين أن الكاتب يؤكد أن تصريحاته كانت “تاريخية وموثقة” بعيداً عن أي انشغال سياسي.
وقالت الجمعية الحقوقية، إن ما تواجهه الجزائر من تدهور في أوضاع حقوق الإنسان تتجسد بشكل مؤلم في هذه القضية، حيث يظهر أن النظام يمارس سياسة انتقامية تستهدف المفكرين والمثقفين الذين يلجؤون إلى التعبير الحر والدفاع عن حقوق الإنسان، وسط غياب لأي ضمانات قانونية تؤمن لهم محاكمة عادلة، مما يرسخ حالة الإفلات من العقاب ويقوض مصداقية القضاء.
وفي الإطار ذاته، عبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن تضامنها الكامل مع بوعلام صنصال، مطالبة المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية بالتدخل العاجل عبر المقرر الأممي المختص، للمطالبة بالإفراج الفوري عنه، وضمان حماية حقوقه الأساسية، ومتابعة حالته الإنسانية والقانونية، مع إدراج قضيته في التقارير الدولية لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات الجزائرية بحق العديد من النشطاء والحقوقيين.
ويشار إلى أن هذا الملتمس يفتح باب النقاش حول حرية التعبير وحقوق الإنسان في الجزائر، ويطرح تساؤلات حول دور القضاء في حماية الحريات أو الانخراط في قمع المعارضة، فيما تستمر نداءات التغيير والعدالة لتصل إلى دوائر صنع القرار الحقوقي الدولي من أجل حماية الإنسان وكرامته.
ولتحقيق هذه الغاية، أكدت العصبة المغربية استعدادها الكامل للتعاون مع الهيئات الأممية لتوفير كل الوثائق والشهادات اللازمة، من أجل دعم القضية وتكريس حماية حقوق الإنسان، والحفاظ على القيم الكونية للعدالة والكرامة.
الرسالة باللغة العربية بعدها مباشرة باللغة الانجليزية
الرباط، في: 15 يوليوز 2025
المرجع: 25/2025
إلى السيد المقرر الخاص المعني بالاعتقال التعسفي مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان – الأمم المتحدة- جنيف، سويسرا
الموضوع: ملتمس عاجل بشأن الاعتقال التعسفي والحكم الجائر الصادر في حق الكاتب الجزائري – الفرنسي السيد بوعلام صنصال
تحية حقوقية عالية، وبعد،
تتشرف العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، باعتبارها منظمة مستقلة غير حكومية، تأسست سنة 1972 وتتمتع بصفة المنفعة العامة، ولها حضور ميداني بفروع جهوية وإقليمية في مختلف ربوع المملكة المغربية، بأن ترفع إلى حضرتكم هذا الملتمس العاجل بخصوص ما نعتبره انتهاكًا خطيرًا وممنهجًا للحق في الحرية والسلامة الجسدية والمعنوية، وخرقًا فاضحًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والذي طال الكاتب والمفكر الجزائري – الفرنسي السيد بوعلام صنصال.
وقد تابعت منظمتنا بقلق بالغ كافة تفاصيل القضية، منذ لحظة اعتقال المعني بالأمر في ظروف تتسم بالإخفاء القسري والتعسف، تمّت على يد أجهزة المخابرات الجزائرية دون سند قانوني مشروع، في خرق سافر للدستور الجزائري نفسه وللالتزامات الدولية، للدولة الجزائرية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تنص مواده (لا سيما المادتين 9 و14) على الضمانات الجوهرية للمحاكمة العادلة، وعلى احترام قرينة البراءة والحق في الدفاع.
وتؤكد معطياتنا الميدانية وتقاريرنا الحقوقية، المدعومة بشهادات متقاطعة ومصادر إعلامية دولية (منها صحف فرنسية مرموقة وتصريحات رسمية لوزارة الخارجية الفرنسية، وتقارير لفعاليات حقوقية جزائرية)، أن ما تعرض له السيد صنصال لا يمكن وصفه إلا بكونه اعتقالًا تعسفيًا ذا طابع انتقامي، بسبب مواقفه الفكرية وآرائه الحقوقية بشأن الوضع السياسي والحقوقي في الجزائر، خاصة وأن الحكم الصادر بحقه يفتقر لأي أساس قانوني سليم، ويكتنفه غيابا تاما لمبادئ النزاهة القضائية والاستقلالية.
لقد جسد اختطاف بوعلام صنصال في ال 21 من نونبر 2024، من مطار الجزائر الدولي بمجرد وصوله إليه، وتعريضه للاختفاء القسري إذ لم تستطع عائلته ولا معارفه التعرف على مكان احتجازه الا بعد ضغط دولي، وكذا احتمالية تعرضه للتعذيب، وحرمانه من كافة شروط المحاكمة العادلة، – شكل كل هذا- تطورا خطيرا يعكس تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، انتهى بإصدار محكمة جزائرية حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات في حق الكاتب والمفكر بوعلام صنصال، بناءً على تهمة فضفاضة ومبهمة تُصنّف تحت مسمى “المساس بوحدة أراضي البلاد”، غير أن التهمة الفعلية التي يُعاقب من أجلها تتجاوز هذه الصياغة القانونية المائعة، إذ تتمثل في ممارسته لحقه المشروع في التفكير والتعبير الحر، في سياق نظام سياسي يُجرّم الكلمة الحرة، ويُحوّل الرأي المستقل إلى تهديد لأركانه المبنية على القوة العسكرية والتحريف الممنهج للتاريخ.
وقد اعتمدت المحكمة الجزائرية في الحكم على المفكر الجزائري، على المادة 87 المضادة للإرهاب، التي تُستخدم لمعاقبة الانحراف عن الخط السياسي الرسمي، وهو استخدامها الرائج بحق أصوات حقوقية و إعلامية ومثقفة، حُبست بسبب انتقادها لتردّي الحريات، أو مخالفتها للتوجه العسكري للجمهورية كما وقع مع السيد صنصال، الذي أكد خلال دفاعه، أن تصريحاته لم تكن سياسية، بل “تاريخية موثقة”.
وبالرغم من استنكاره للاتهامات الموجهة إليه، فإن محكمة الدرجة الأولى (27 مارس 2025) فرضت عليه السجن والخضوع لغرامة مالية، أعقبتها محكمة الاستئناف بتثبيت نفس الحكم (1 يوليو 2025)، رغم مطالبات دولية ودبلوماسية وحقوقية بإطلاق سراحه.
إن هذا الحكم لا يمكن فهمه إلا في إطار “حرب الرموز والمعاني” التي تخوضها الجزائر ضد كل صوت يفضح ازدواجية مواقفها في قضايا مصيرية، فبينما يُفتح الباب أمام دعاة الفتنة والشتات والتحريض على الكراهية وز التمييز والتشجيع على ممارسات إرهابية، المموّهين بصفتهم “كإعلاميين أو مؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي”، يُقفل أمام من يكشفون حقيقية تاريخية، بحجة أنهم يزعزعون وحدة الدولة.
وبناءً على ما سبق، ترى العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن هذا الاعتقال الجائر والحكم القمعي الصادر في حق السيد بوعلام صنصال يُصنف – استنادًا إلى المعايير المعتمدة من طرف فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي – ضمن الاعتقالات التعسفية من الفئتين الثانية والثالثة، التي تحدث دون وجود أساس قانوني كافٍ أو بسبب ممارسة حق من حقوق الإنسان أو في انتهاك للإجراءات القانونية، وذلك للأسباب التالية:
- انعدام أي سند قانوني مشروع يبرر الاعتقال؛
- غياب شروط المحاكمة العادلة، وحرمان الدفاع من أداء مهامه بشكل فعال؛
- وجود نية سياسية انتقامية ومضايقات منهجية بسبب تعبير المعني بالأمر عن رأيه بحرية.
إننا في العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إذ نجدد تضامننا المبدئي وغير المشروط مع جميع ضحايا الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري عبر العالم، فإننا نؤكد بأن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صريحًا للشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وتهديدًا خطيرًا لهيبة القانون الدولي ولقيم العدالة والكرامة الإنسانية، كما تُكرّس سياسة الإفلات من العقاب وتسيء إلى مصداقية القضاء في الدول التي تمارس هذا النوع من الانتهاكات.
وبناء عليه، فإننا نلتمس منكم، ضمن صلاحياتكم واختصاصاتكم، ما يلي:
مخاطبة السلطات الجزائرية بشكل رسمي، للمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن السيد بوعلام صنصال، وتقديم توضيحات وافية حول ملابسات اعتقاله وظروف محاكمته؛
فتح إجراء خاص بموجب ولايتكم، لمتابعة حالة المعني بالأمر، وجمع كافة المعطيات المتعلقة بانتهاك حقوقه الأساسية؛
إدراج هذه الحالة في تقاريركم الدورية المرفوعة إلى مجلس حقوق الإنسان، لتسليط الضوء على خطورة هذه الانتهاكات القضائية والسياسية؛
اتخاذ ما ترونه مناسبًا من تدابير وإجراءات لضمان حماية حقوق المعني بالأمر، ولردع مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.
وفي هذا السياق، يعبّر المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن استعداده الكامل للتعاون مع فريقكم الأممي، وتقديم كل ما يتوفر عليه من وثائق ومعطيات وشهادات بخصوص هذه القضية، بما يخدم مهامكم النبيلة في حماية كونية وشاملة لحقوق الإنسان.
وتفضلوا، السيد المقرر الخاص، بقبول فائق عبارات التقدير والاحترام.
عن المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
الرئيس
ملتزمون بالدفاع عن حقوق الإنسان
المكتب المركزي
ارسالة باللغة الانجليزية
Rabat, 15 July 2025
Ref: 25/2025
To the Special Rapporteur on Arbitrary Detention
Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights – Geneva, Switzerland
Subject: Urgent Appeal Concerning the Arbitrary Detention and Unjust Sentence against the Algerian–French Writer Mr. Boualem Sansal
High human rights regards,
The Moroccan League for the Defense of Human Rights, as an independent, non-governmental organization established in 1972 and recognized as a public benefit association, with a field presence through regional and local branches throughout the Kingdom of Morocco, has the honor to submit to your esteemed attention this urgent appeal regarding what we consider to be a serious and systematic violation of the right to liberty and to physical and moral integrity, and a blatant breach of international standards of fair trial, in the case of Algerian–French writer and intellectual Mr. Boualem Sansal.
Our organization has followed with deep concern all aspects of this case, from the moment of the individual’s arrest under conditions that amount to enforced disappearance and arbitrary detention, carried out by Algerian intelligence services without any lawful legal basis, in clear violation of the Algerian Constitution and of Algeria’s international obligations under the International Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR), particularly Articles 9 and 14, which guarantee fundamental safeguards of fair trial, the presumption of innocence, and the right to defense.
Our field data and human rights reports, corroborated by cross-referenced testimonies and international media sources (including reputable French newspapers, official statements by the French Ministry of Foreign Affairs, and reports from Algerian human rights actors), confirm that what Mr. Sansal has endured can only be described as an arbitrary and retaliatory detention, resulting from his intellectual positions and human rights views on the political and human rights situation in Algeria. The ruling against him is devoid of any sound legal foundation and is marked by a total absence of judicial integrity and independence.
Mr. Sansal was abducted on 21 November 2024 at Algiers International Airport upon his arrival and subjected to enforced disappearance, as neither his family nor acquaintances were able to determine his whereabouts until after international pressure was applied. There is a strong possibility that he was subjected to torture, and he was deprived of all guarantees of a fair trial. These events represent a serious development reflecting the deterioration of the human rights situation in Algeria, culminating in a five-year prison sentence imposed by an Algerian court against the writer and thinker on the basis of a vague and ambiguous charge: “undermining the unity of the national territory.” However, the real charge is his exercise of the legitimate right to free thought and expression, in a political system that criminalizes free speech and treats independent opinion as a threat to a power structure built on military authority and systematic historical distortion.
The court based its ruling on Article 87 of the Algerian Penal Code, a provision allegedly intended for anti-terrorism, but commonly used to punish deviation from the official political line, and systematically applied against human rights defenders, journalists, and intellectuals critical of the regime or its military orientation, as was the case with Mr. Sansal, who stated in his defense that his remarks were not political but “documented historical facts.”
Despite his rejection of the charges, the first instance court (on 27 March 2025) sentenced him to prison and imposed a fine. This was followed by an appellate ruling on 1 July 2025 confirming the same sentence, despite international, diplomatic, and human rights calls for his immediate release.
This ruling can only be understood within the broader context of “the war of symbols and narratives” waged by the Algerian regime against every voice exposing its hypocrisy and duplicity in addressing critical issues. While the regime tolerates and amplifies voices that incite sedition, division, hatred, discrimination, and promote terrorist practices—often masquerading as “journalists or social media influencers”—it persecutes those who speak historical truths, under the pretext that they are threatening national unity.
Based on the foregoing, the Moroccan League for the Defense of Human Rights considers that the arbitrary detention and repressive sentence against Mr. Boualem Sansal falls—according to the criteria adopted by the United Nations Working Group on Arbitrary Detention—within Categories II and III of arbitrary detention, which concern deprivation of liberty without sufficient legal basis, or as a result of the exercise of fundamental human rights, or in violation of fair trial guarantees, for the following reasons:
Lack of a clear and lawful legal basis justifying the detention;
Absence of fair trial guarantees and obstruction of the defense’s ability to perform its functions effectively;
Existence of political motives and systematic retaliation due to the individual’s expression of opinion.
We, at the Moroccan League for the Defense of Human Rights, reaffirm our principled and unconditional solidarity with all victims of arbitrary detention and enforced disappearance worldwide, and we stress that such practices represent a flagrant violation of the international human rights framework, a serious threat to the authority of international law, and to the values of justice and human dignity. These practices perpetuate impunity and undermine the credibility of the judiciary in countries where such violations occur.
Accordingly, we respectfully request that, within the scope of your mandate, you:
Officially address the Algerian authorities, demanding the immediate and unconditional release of Mr. Boualem Sansal, and a full clarification of the circumstances of his arrest and trial;
Open a Special Procedure under your mandate, to investigate the situation of the individual concerned and gather all data related to the violation of his fundamental rights;
Include this case in your periodic reports submitted to the Human Rights Council, in order to highlight the gravity of these judicial and political violations;
Take any appropriate steps and measures within your competence to ensure the protection of Mr. Sansal’s rights and to prevent the recurrence of such violations in the future.
In this context, the Central Bureau of the Moroccan League for the Defense of Human Rights expresses its full willingness to cooperate with your UN team, and to provide all available documents, data, and testimonies related to this case, in support of your noble mission to ensure universal and comprehensive protection of human rights.
Please accept, Mr. Special Rapporteur, the expression of our highest consideration and respect.
On behalf of the Central Bureau of the Moroccan League for the Defense of Human Rights
The President




