أجندة و متابعاتأنشطة الفروع
أخر الأخبار

للقضية الفلسطينية، التي لم تغب عن وجداننا خلال هذا الملتقى

القضية الفلسطينية، التي لم تغب عن وجداننا خلال هذا الملتقى

أيها الحضور الكريم،
ها نحن نبلغ معًا خاتمة هذا العرس الحقوقي الجميل، الذي جمعنا على امتداد أيام ثلاثة في قلب الجنوب المغربي، بمدينة زاكورة، مدينة الذاكرة العميقة، والوجوه الدافئة، والنبض المقاوم.
نغادر هذا الملتقى وقلوبنا ممتلئة بمشاعر الفخر والاعتزاز، لأننا نجحنا جميعًا، بإرادتنا الجماعية، في أن نجعل من الفيلم القصير منصةً لا للعرض فقط، بل للترافع، للحوار، للمساءلة، للتأمل، وللتغيير. نجحنا في أن نمنح الكاميرا بعدًا إنسانيًا، وجعلنا العدسة صوتًا للحق، للصمت المقصي، للوجع المنسي، للإنسان الذي يسكن الهامش ويصنع المعنى.
لقد أدركنا من خلال هذا الملتقى، أن السينما ليست ترفًا بصريًا، ولا رفاهية فكرية، بل ضرورة أخلاقية. إنها، كما قال جان لوك غودار، “الحقيقة أربعًا وعشرين مرة في الثانية”. والفيلم القصير الحقوقي هو أقرب إلى شهادة مجروحة بالعاطفة، مسنودة بالضمير، وموجهة إلى التاريخ.
زاكورة لم تكن فقط مسرحًا لهذا الملتقى، بل كانت شريكًا في مضمونه، شاهدًا على معاناة، وحاضنًا لأمل. لقد جئنا إليها لأننا نؤمن أن التغيير لا يولد في العواصم وحدها، بل في كل رقعة تصرخ بالحق وتتنفس الحرية. زاكورة، بما تعانيه من عطش، من تهميش، من هدر لفرص التنمية، كانت في عمق رسائل الأفلام، وفي صميم نبض المتدخلين، وفي قلب ضمير العصبة التي اختارتها باقتناع، لا مجاملة فيها، ولا بحثًا عن مشهدية زائفة.
أيها الحضور الكريم،
إننا اليوم، ونحن نختتم هذه اللحظة النبيلة، لا يمكننا إلا أن نثمن، بكل ما في التثمين من امتنان، الدعم والتعاون اللذين تلقيناهما من السلطات الإقليمية والمحلية بزاكورة، التي قدمت نموذجًا راقيًا في الشراكة المؤسساتية والتفاعل الإيجابي مع المبادرات الحقوقية والثقافية.
كما نخص بالشكر المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بزاكورة، الذي أبهرنا بدقة التنظيم، وصدق الالتزام، وبذل الجهد دون كلل أو تردد. ونتقدم بتحية نضالية للأخ المناضل حمو زراح، عضو المكتب المركزي، الذي واكب كل التفاصيل برؤية حقوقية عميقة، وإخلاص مناضل لا يُشترى، وبحس إنساني خالص.
ولا ننسى أن نوجه كلمات الامتنان لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هذا الملتقى: من المخرجين والفنانين، إلى لجان التحكيم، إلى المشاركين والمتابعين، إلى الإعلاميين الذين نقلوا صور الملتقى إلى فضاء أرحب. كما نشكر الجمعيات الشريكة، والمراكز الثقافية، وكل الأيادي الخفية التي اشتغلت في الكواليس، من أجل أن يرتفع هذا الملتقى إلى مقامه الطبيعي: مقام الكرامة والحرية والعدالة.
أيها الحضور الكريم،
ونحن نغادر زاكورة، لا نودعها، بل نعدها بالعودة، نعدها بأن نبقى أوفياء لقضاياها، كما نبقى أوفياء للقضية الفلسطينية، التي لم تغب عن وجداننا خلال هذا الملتقى، والتي ما زالت تُمتحن فيها إنسانيتنا كل يوم، وسط عجز دولي مريب، وصمت أممي مؤلم.
إن واجبنا، كفاعلين حقوقيين، أن نحول الفيلم إلى جسر نحو غزة، نحو جنين، نحو كل حارة تُقصف، وكل أم ثكلى، وكل طفل يُغتال مرتين: مرة بصاروخ، ومرة بالتواطؤ الدولي.
نختم ملتقانا، ولا نغلق دفاتر النضال.
ننهي الدورة، لكننا لا نُنهي الرسالة.
ونردد مع محمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”،
ونضيف: “وعلى هذه الأرض ما يستحق أن يُصور، أن يُكتب، أن يُعرض، أن يُقاوَم”.
تحية لكم جميعًا،
وعلى أمل اللقاء بكم في دورة ثالثة أكثر إشراقًا، وأكثر فنيّة، وأكثر نضجًا في الدفاع عن الإنسان، في كل مكان وزمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زاكورة، 14 يونيو 2025
عن المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
الرئيس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى