تشيكيطو: وباء كورونا أظهر أن خوصصة القطاعات الحيوية سيؤدي إلى الهلاك وعلى الدولة أن تخصص دعما شهريا لأصحاب القطاعات الغير مهيكلة
هبة زووم ـ فهد الباهي
في حوار مع رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان “عادل تشيكيطو”، حيث حاولنا من خلاله (الحوار) مناقشة بعض الظواهر التي نشاهدها بعد تفشي وباء “كورونا فيروس” في المغرب وباقي دول العالم، والمشاكل التي تعانيها الطبقة الغير مهيكلة (المياومين)، وعن ضرورة إعادة الدولة سياستها في ما يتعلق بالقطاعات الحيوية خاصة التعليم والصحة.
1 – بداية هل تعتقد أن الدولة المغربية ستنتصر على وباء كورونا في ظل ما نشاهده من طقوس بالية (البخور وشعارات كورنا سيري بحالك المغرب ماشي ديالك…) إلخ؟؟
حتى نعطي لكل ذي حق حقه، هناك مجهود استثنائي تقوم به الدولة المغربية بكل مؤسساتها و أجهزتها للتصدي لجائحة ما بات يعرف لدى العموم (كورونا بفيروس) – “كوفيد19″، ورغم أن لنا ملاحظات تتعلق بطريقة تعاطي القلة القليلة من المسؤولين مع التعليمات المرتبطة مثلا بعملية الحجر الصحي و المتمثلة أساسا في اعتداء بعض المكلفين بإنفاد القانون على مواطنين بطريقة فجة، أو فيما يتعلق بتدبير عملية توزيع الرخص الاستثنائية للخروج على المواطنين، ورغم هذه الملاحظات فإننا في المجمل لا يمكن أن نبخس مجهودا تقوم به الدولة بغية تحقيق الحماية للمواطنات و المواطنين المغاربة وضمان حقهم في الحياة والصحة الجيدة.
أما بخصوص بعض الظواهر السلبية التي نشاهدها بين الفينة و الأخرى و التي تفضلت بسرد بعض منها فهي تبقى استثناء لا يمكن أن يقاس عليه، بل من المفروض اليوم أن نسلط الضوء على الجانب المشرق في العملية برمته و الذي يشع من خلال قيم التآزر و التضامن الذي أبان عليه الغالبية من المغاربة.
2 – ألا تعتقد أن كورونا فيروس عرت الواقع المعاش بالمغرب في صمت وإن صح التعبير أعطت نسبة الوعي والتحضر والمستوى الفكري والثقافي؟؟
لا يجب أن نغفل مسألة مهمة تتجلى في كوننا نعيش ظرفا استثنائيا جديدا على المغاربة من جهة، ومن جهة أخرى مستوى الإدراك لدى شريحة عريضة من المواطنين حال دون تقبل مواطنين للوضع الجديد و أربك حياتهم اليومية و تسبب في ظهور بعض الانزلاقات.
لكن يجب أن ننتبه إلى مسألة مهمة جدا، كون أن عدد من السلوكيات المرفوضة التي تصدر عن مواطنين، تقابل باستهجان واستنكار جل المغاربة، وهو ما يؤكده عدم تكرار تلك الممارسات، وهو ما يجعلني أعتقد أن النور سائر اليوم في تحريرنا من براثن الظلام.
3 – الحكومة طلبت من المواطنين الجلوس في (مساكنهم) في المقابل لم تقدم مساعدات ملموسة لأصحاب الدخل اليومي (الحمالة والحرفيين المياومين…) في نظرك إلى متى ستصمد هذه الفئة أمام هذه الجائحة؟؟
الحكومة قررت عبر لجنة اليقظة الاقتصادية، لوقف الآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد على مناصب الشغل، ومنح جميع الأجراء الذين جرى تسريحهم من الشغل ما مجموعه 2000 درهم صافية شهريا.
وربطت اللجنة الحكومية تفعيل هذا الإجراء بالشركات المنخرطة في الضمان الاجتماعي، والتي أرغمت على الإغلاق الكلي أو الجزئي لأنشطتها بسبب فيروس كورونا، مؤكدة أن هذا الإجراء سيظل ساري المفعول إلى غاية 30 يونيو 2020.
لكن السؤال الذي طرحته يتعلق بالعمال المياومين أو بالأشخاص الذي يبحثون عن لقمة عيش عبر قطاعات غير مهيكلة، أو غير مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، فهي من جهة تلزمهم على الجلوس في بيوتهم وتمنعهم من الخروج للبحث عن رزقهم، ومن ناحية أخرى تحرمهم من الدعم المخصص للذين فقدوا عملهم بشكل كلي أو جزئي، لذا فإنه من الضروري أن تفكر الحكومة في هذه الشريحة من المجتمع و أن تخصص لهم دعما شهريا يعادل الدعم المخصص للفئة التي شملها القرار أعلاه إما من خلال الصندوق الذي أمر الملك بتشكيله، أو من خلال استثمار الادخار المخصص صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية والذي أحدث بموجب مرسوم قانون رقم 2.19.244، استنادا إلى الفصل 40 من الدستور الذي ينص على مبدأ التضامن الوطني.
4 – ألا ترى أن وباء كورونا كشف خطأ الدولة في سياستها اتجاه قطاعي الصحة والتعليم والتي دعت في أكثر من مرة للتخلي عنهما لصالح القطاع الخاص وقد أن الأوان لتعيد سياستها إتجاه هذه القطاعات؟
الحكومة اليوم وقفت أمام علامة بارزة تأكد لها من خلالها أن أي تخلي عن خدمة أساسية تدخل ضمن اختصاصاتها أو أي تراجع حقوقي يتعلق بقطاعات أساسية كالصحة و التعليم فيه تكبيل لعطائها وتصفيد لاختصاصاتها، وهو بالأساس استقالة من مهام دستورية حددتها فصول الباب الثاني من الدستور على الخصوص الفصول 21 و22 و23 و31.
الحكومة اليوم مثلا في قطاع الصحة كادت أن تخرج الأمور عن سيطرتها لولا أنها مازالت تتوفر على بنية صحية وإن كانت غير كافية لا من ناحية اللوجستيكية و لا من الناحية المادية.
محاولة خوصصة القطاعات الحيوية المرتبطة بالحقوق الأساسية ستؤدي لامحال إلى الهلاك وهو الأمر الذي نبهنا ولا زلنا نحذر منه، فالحكومة لا ينبغي لها أن تترك زمام هذه القطاعات في يد الخواص و إلا فلننتظر الكارثة.